موسوعة الرواة

Sec Bottom Mockup

السيرة الذاتية

  • الاسم : إِياس بن معاوية بن قُرة بن إِياس المُزنيُّ، أبو واثلة، البَصْري، القاضي المشهور بالذَّكاءِ
  • الشهرة : القاضي المشهور بالذَّكاءِ
  • الكنيۃ : أبو واثلة
  • النسب : المُزنيُّ، البَصْري، قاضيها، ولجده صحبة.
  • الرتبة تقریب التہذیب: ثقةٌ، من الخامسة، مات سنة اثنتين وعشرين ومئة. خت م .
  • عاش في : البصرۃ
  • مات في : واسط
  • توفي عام : 122ھ
  • الجرح والتعديل

    ذكره مُحَمَّد بْن سعد في الطبقة الثالثة من أهل البصرة، وَقَال  : كَانَ ثقة، وكَانَ قاضيا على البصرة، وله أحاديث، وكَانَ عاقلا من الرجال، فطنا.

    وَقَال خليفة بْن خياط : أمه امرأة من أهل خراسان.

    وَقَال أَبُو نعيم الْحَافِظ فيما أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أَبي الخير، عَنِ القاضي أَبِي المكارم اللبان إذنا، عَن أَبِي علي الحداد، عَنه: حَدَّثَنَا أَبِي، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، قال: حَدَّثَنَا الأَحنف بْنُ حَكِيمٍ  بِأَصْبَهَانَ، قال: حَدَّثَنَا حماد بْن سلمة، قال: سمعت إياس ابن مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: أَذْكُرُ اللَّيْلَةَ الَّتِي ولِدْتُ فِيهَا، وضَعَتْ أُمِّي عَلَى رَأْسِي جَفْنَةً  .

    وَقَال أَبُو بكر بْن أَبي خيثمة: سمعت المدايني، قال: قال إياس بْن مُعَاوِيَة لأمه: ما شيء سمعته وأنا صغير، وله جلبة شديدة؟ قالت: تلك يَا بني طست سقطت من فوق الدار إِلَى أسفل، ففزعت فولدتك تلك الساعة  ! !

    وَقَال ضمرة بْن ربيعة  ، عن عَبد اللَّهِ بْن شوذب: كَانَ يقال: يولد في كل مئة سنة رجل تام العقل، وكانوا يرون أن إياس بْن مُعَاوِيَة منهم.

    وَقَال الأَصْمَعِيّ، عن حماد  بْن زيد، عن ابن عون: ذكر إياس بْن مُعَاوِيَة عند ابن سيرين، فَقَالَ: إنه لفهم، إنه لفهم.

    قال: وكَانَ رزق إياس كل شهر مئة درهم.

    وَقَال سفيان الثوري  ، عن خَالِد الحذاء: قيل لمعاوية بْن قرة: كيف ابنك لك؟ قال: نعم الابن، كفاني أمر دنياي، وفرغني لآخرتي.

    وَقَال إِسْحَاق بْن مَنْصُور  ، عَنْ يحيى بْن مَعِين: إياس بن معوية ثقة.

    وكذلك قال النَّسَائي.

    وَقَال أَحْمَد بْن عَبد اللَّهِ العجلي  : إياس بْن مُعَاوِيَة بصري ثقة، وكَانَ على قضاء البصرة، وكَانَ فقيها عفيفا.

    وَقَال فِي موضع آخر: كَانَ على قضاء البصرة، وأبوه تابعي. وجده قرة من أصحاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ. دخل عليه ثلاث نسوة، فَقَالَ: أما واحدة فمرضع، والأخرى بكر، والأخرى ثيب فقيل لَهُ: مما علمت؟ قال: أما المرضع فلما قعدت أمسكت ثديها بيديها، وأما البكر فلما دخلت لم تلتفت إِلَى أحد، وأما الثيب فلما دخلت نظرت ورمت بعينيها.

    وَقَال مُحَمَّد بْن سعد: حَدَّثَنَا  عَبد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن أَبي الأسود، قال: حَدَّثَنَا  عُمَر بْن علي المقدمي، عن سفيان بْن حسين، قال: لما قدم إياس بْن مُعَاوِيَة واسطا، جعلوا يقولون: قدم البَصْرِيّ، قدم البَصْرِيّ، فأتاه ابن شبرمة بمسائل قد أعدها لَهُ، فجلس بين يديه، فَقَالَ: تأذن  أن أسألك؟ قال: ما ارتبت بك حتى استأذنتني. إن كانت لا تعيب  القائل، ولا تؤذي الجليس فسل. قال: فسأله عن بضع وسبعين مسألة، فما اختلفا يومئذ إلا فِي ثلاث مسائل، أو أربع، رده فيها إياس إِلَى قوله، ثم قال: يا ابن شبرمة.

    هل قرأت القرآن؟ قال نعم من أوله إِلَى آخره، قال: فهل قرأت: {اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي}  ؟ قال نعم. وما قبلها وما بعدها. قال: فهل وجدته بقى لآل شبرمة شيئا ينظرون فيه؟ قال: فَقَالَ: لا. فَقَالَ لَهُ إياس: إن للنسك فروعا. قال: فذكر الصوم، والصلاة، والحج، والجهاد، واني لا أعلمك تعلقت من النسك بشيءٍ أحسن من شيء فِي يدك، النظر فِي الرأي.

    وَقَال عُمَر بْن شبة: حدثني مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الباهلي قال: حَدَّثَنَا الواشجى قال: حدثني عُمَر بْن علي، عَن أبي الْعَبَّاس الهلالي قال: قدم إياس واسطا، فَقَالَ الناس: قدم البَصْرِيّ، قدم البَصْرِيّ! فَقَالَ ابن شبرمة: انطلقوا بنا إِلَى البَصْرِيّ نسأله، قال: فجاء فسلم وجلس. فَقَالَ: أتأذن - أصلحك اللَّه - أن نسألك؟ فَقَالَ: ما ارتبت بك حَتَّى استأذنتني، فإن كانت لا تؤذي الجليس. ولا تشق على المسؤول. قال فسأله عن ثنتين وسبعين مسألة. كلها يختلفان فيها، فيرده إياس إِلَى قوله، إلا مسألتين، فإنهما كانا على الاختلاف فيهما.

    وَقَال عَبد اللَّهِ بْن إدريس عَن أبيه عن ابن شبرمة: قال لي إياس ابن مُعَاوِيَة: إياك وما يستشنع الناس من الكلام، وعليك بما يعرف الناس من القضاء.

    وَقَال يَحْيَى بْن يَحْيَى (مق)  : أخبرنا عُمَر بن علي بن مقدم،عن سفيان بْن حسين قال: سألني إياس بْن مُعَاوِيَة فَقَالَ: إني أراك قد كلفت بعلم القرآن، فاقرأ علي سورة وفسر حَتَّى أنظر فيما علمت.

    قال: ففعلت. فَقَالَ: احفظ عني  ما أقول لك: إياك والشناعة فِي الْحَدِيث. فإنه قل ما حملها أحد إلا ذل فِي نفسه وكذب فِي حديثه.

    وَقَال عاصم بْن عُمَر بْن علي المقدمي عَن أبيه، عن سفيان بْن حسين: سمعت إياس بْن مُعَاوِيَة يقول: لأن يكون فِي فعال الرجل فضل عن قوله، أجمل من أن يكون فِي قوله فضل عن فعاله.

    وَقَال سُلَيْمان بْن حرب  ، عن عُمَر بْن علي بْن مقدم، عن سفيان بْن حسين: كنت عند إياس بْن مُعَاوِيَة، وعنده رجل، تخوفت إن قمت من عنده أن يقع فِي. قال: فجلست حتى قام، فلما قالم ذكرته لإياس. قال: فجعل ينظر فِي وجهي. ولا يقول لي شيئا، حَتَّى فرغت، فَقَالَ لي: أغزوت الديلم؟ قلت: لا، قال: فغزوت السند؟ قلت: لا. قال: فغزوت الهند  ؟. قلت: لا. قال: فغزوت الروم؟. قلت: لا. قال: يسلم  منك الديلم، والسند، والهند، والروم. وليس يسلم منك أخوك هَذَا؟ ! ! قال: فلم يعد سفيان إلى ذَلِكَ.

    وَقَال عُمَر بْن شبة النميري: بلغني أن إياس بْن معاوية قال: ما يسرني أن أكذب كذبة، لا يطلع عليها إلا أبي مُعَاوِيَة بْن قرة، لا أسأل عنها يوم القيامة، وإن لي الدنيا بجذافيرها.

    وَقَال أَبُو حاتم سهل بْن مُحَمَّد السجستاني، عن الأَصْمَعِيّ: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: امتحنت خصال الرجال، فوجدت أشرفها صدق اللسان، ومن عدم فضيلة الصدق، فقد فجع بأكرم أخلاقه.

    وَقَال مالك عن ربيعة بْن أَبي عَبْد الرَّحْمَنِ: قال لي إياس بْن مُعَاوِيَة: يَا ربيعة، كل ما بني على غير أساس. فهو هباء، وكل ديانة أسست على غير ورع فهي هباء.

    وَقَال إِسْحَاق بْن يوسف، عن سفيان بن حسين: قلت لاياس ابن مُعَاوِيَة: ما المروءة؟ قال: أما فِي بلدك وحيث تعرف، فالتقوى، وأما حيث لا تعرف، فاللباس.

    وَقَال عُمَر بْن علي بْن مقدم  ، عن سفيان بْن حسين: قيل لإياس بْن مُعَاوِيَة: العالم أفضل أم العابد؟ قال: العالم. قيل: مثل لنا حَتَّى نعرفه.

    قال: فَقَالَ: أما ترون، يعني البناء -  يجئ هَذَا ينقل الجص وهذا ينقل الآجر، وهذا يهئ  ، فإذا كان نصف النهار أبي بشربة سويق فشرب، فإذا كَانَ الليل ، أعطي كل واحد منهم درهما. وأعطي هَذَا أربعة دراهم، خمسة دراهم.

    وَقَال أيضا: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: لا بد للناس من ثلاثة أشياء: لا بد لهم أن تأمن سلبهم، ويختار لحكمهم حَتَّى يعتدل الحكم فيهم، وأن يقام لهم بأمر الثغور التي بينهم وبين عدوهم، فإن هذه الأشياء إذا قام بها السلطان، احتمل الناس ما كَانَ سوى ذَلِكَ من أثرة السلطان، وكل ما يكرهون.

    وَقَال الأَصْمَعِيّ، عَن أبيه: رأيت فِي بيت ثابت البناني رجلا أحمد طويل الذراع. غليظ الثيات، يلوث عمامته لوثا  ، ورأيته قد غلب على الكلام، فلا يتكلم أحد معه، فأردت أن أسأله عنه، حَتَّى قال قائل: يَا أبا واثلة، فعرفت أنه إياس. فَقَالَ: إن الرجل تكون غلته الفا، فينفق ألفا، فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ألفين فيصلح وتصلح الغلة، وتكون غلته ألفين، فينفق ثلاثة آلاف، فيوشك أن يبيع العقار فِي فضل النفقة.

    وَقَال عَبد اللَّهِ بن حرشج البَصْرِيّ: حدثني المستنير بْن أخضر، عن إياس بْن مُعَاوِيَة بْن قرة، قال: جاء دهقان فسأله عن السكر  . أحرام هُوَ، أو حلال؟ قال: هُوَ حرام. قال: كيف يكون حراما. أخبرني عن التمر أحلال هُوَ أم حرام؟ قال: حلال، قال: فأخبرني عن الكشوث  أحلال هُوَ أم حرام؟ قال حلال، قال: فأخبرني عن الماء أحلال هُوَ أم حرام؟ قال: حلال.

    قال: فما خلف بينهما؟ وإنما هُوَ من التمر والكشوث والماء،أن يكون هَذَا حلالا، وهذا حراما؟ قال: فَقَالَ إياس للدهقان: لو أخذت كفا من تراب فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا. قال: لو أخذت كفا من ماء فضربتك به أكان يوجعك؟ قال: لا. قال: لو أخذت كفا من تبن فضربتكك به أكان يوجعك؟ قال: لا. قال: فإذا أخذت هَذَا الطين ففعجنته بالتبن والماء ثم جعلته كتلا، ثم تركته حَتَّى يجف ثم ضربتك به، أيوجعك؟ قال نعم، ويقتلني. قال: فكذلك هَذَا التمر والماء والكشوث إذا جمع ثم عتق حرم، كما جفف هَذَا فأوجع وقتل، وكَانَ لا يوجع.

    وَقَال عُبَيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عائشة، عَن أبيه: دخل  إياس ابن مُعَاوِيَة الشام، وهُوَ غلام، فقدم خصما لَهُ إِلَى قاض لعبد الملك ابن مروان، وكَانَ خصمه شيخا صديقا للقاضي، فَقَالَ لَهُ القاضي: يَا غلام أما تستحي.

    أتقدم شيخا كبيرا؟ قال إياس: الحق أكبر منه، قال لَهُ: اسكت.

    قال: فمن ينطق بحجتي إذا سكت، ما أحسبك تقول حقا حَتَّى تقوم.

    قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه. قال: ما أظنك إلا ظالما. قال: ما على ظن القاضي خرجت من منزلي. قال فدخل القاضي على عَبد المَلِك، فأخبره الخبر، فَقَالَ لَهُ: اقض حاجته واصرفه عن الشام، لا يفسد الناس علينا.

    وقد رويت هذه القصة لشريح القاضي. فالله أعلم.

    وَقَال أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب فيما أخبرنا أَبُو العز عبد العزيز بْن عبد المنعم الحراني بمصر، عَن أبي الفرج عبد المنعم ابن عبد الوهاب بْن كليب الحراني إذنا، قال: أخبرنا أَبُو علي بْن نبهان الكاتب، قال أخبرنا أَبُو علي بْن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر بْن مقسم الْمُقْرِئ، عَنه: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: كنت فِي مكتب بالشام، وكنت صبيا، فاجتمع النصارى يضحكون من المسلمين، وَقَالوا: إنهم يزعمون أنه لا يكون ثفل للطعام فِي الجنة، قال: قلت: يَا معلم، أليس تزعم أن أكثر الطعام يذهب فِي البدن، فَقَالَ: بلى، قلت: فما ينكر أن يكون الباقي يذهبه اللَّه فِي البدن كله؟ فَقَالَ: أنت شيطان.

    وَقَال حماد بْن زيد، عن حبيب بْن الشهيد، عن إياس بْن مُعَاوِيَة: ما خاصمت أحدا من أهل الأهواء بعقلي كله إلا القدرية. قال: قلت: أخبروني عن الظلم ما هُوَ؟ قَالُوا أخذ ما ليس لَهُ. قال: قلت: فإن اللَّه تعالى لَهُ كل شيء  .

    أَخْبَرَنَا بذلك الإمام أبو الفرج عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي عُمَر بْن قدامة المقدسي فِي جماعة، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْص عُمَر بن محمد بن طَبَرْزَذَ، قال أَخْبَرَنَا أبو القاسم هبة اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن الْحُصَيْن قال: أخبرنا أَبُو طالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غيلان، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبد اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم الشافعي قال: حَدَّثَنَا أَبُو بكر عَبد الله بْن مُحَمَّد بْن أَبي الدنيا، قال حَدَّثَنَا خلف بْن هشام قال: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد. فذكره.

    وَقَال الأَصْمَعِيّ عن عدي بن الفضيل البَصْرِيّ: اجتمع إياس ابن مُعَاوِيَة وغيلان، عند عُمَر بْن عبد العزيز، فَقَالَ عُمَر: أنتما مختلفان وقد اجتمعتما فتناظرا تتفقا، فَقَالَ إياس: يَا أمير المؤمنين إن غيلان صاحب كلام، وأنا صاحب اختصار. فإما أن يسألني ويختصر، أو أسأله وأختصر، فَقَالَ غيلان: سل، فقال إياس:أخبرني، ما أفضل شيء خلقه الله عزوجل؟ قال: العقل. قال: فأخبرني عن العقل مقسوم أو مقتسم؟ فأمسك غيلان، فَقَالَ لَهُ: أجب. فَقَالَ: لا جواب عندي! فَقَالَ إياس: قد تبين لك يَا أمير المؤمنين أن اللَّه تبارك وتعالى يهب العقول لمن يشاء، فمن قسم لَهُ منها شيئا ذاده به عن المعصية، ومن تركه تهور.

    قال الأَصْمَعِيّ: وحدثني غيره أن غيلان وإياسا التقيا فتساءلا، فَقَالَ إياس: أسألك أم تسألني؟ فقال غيلان: سل. فَقَالَ لَهُ إياس: أي شيء خلق اللَّه أفضل؟ قال: العقل. قال إياس: فمن شاء استكثر منه ومن شاء استقل، فسكت غيلان مليا ثم قال: سل عن غير هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ إياس: أخبرني عن العلم قبل أو العمل؟ فَقَالَ غيلان: والله لا أجيبك فيها.

    فَقَالَ إياس: فدعها، وأخبرني عن الخلق، خلقهم اللَّه مختلفين أو مؤتلفين؟ فنهض غيلان وهُوَ يقول: والله لا جمعني وإياك مجلس أبدا!

    قال الأَصْمَعِيّ: وفي حديث عدي: أن غيلان قال لعُمَر: أتوب إِلَى اللَّه، ولا أعود إِلَى هذه المقالة أبدا، فدعا عليه عُمَر إن كَانَ كاذبا، فأجيبت دعوته.

    وَقَال سَعِيد بْن عامر، عن عُمَر بْن علي: قال رجل لإياس بْن مُعَاوِيَة: يَا أبا واثلة حَتَّى متى يتوالد الناس ويموتون؟ فَقَالَ لجلسائه: أجيبوه.

    فلم يكن عندهم جواب، فَقَالَ إياس: حَتَّى تتكامل العدتان: عدة أهل النار وعدة أهل الجنة.

    وَقَال إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن حبيب بْن الشهيد، فيما أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل بْن الأَنْمَاطِيّ، عَن أبي اليمن زيد بْن الحسن الكندي، عَن أبي القاسم ابن السمرقندي، عَن أبي الحسين ابن النقور، عَن أبي الحسن أَحْمَد بن محمد بن عِمْران ابن الجندي، عَن أبي روق أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن بكر الهزاني  ، عَنه: حَدَّثَنَا قريش بْن أَنَس، عن حبيب بْن الشهيد قال: سمعت إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: لست بخب، واخب  يخدعني، ولا يخدع محمد ابن سيرين، ولكنه يخدع أبي، ويخدع الحسن.

    ويخدع عُمَر بْن عبد العزيز.

    وبه، قال: حَدَّثَنَا قريش بْن أَنَس، عن حبيب بْن الشهيد، قال: أتى رجل إياس بْن مُعَاوِيَة، يشاوره فِي خصومة، فَقَالَ لَهُ: إن أردت القضاء فعليك بعبد الملك بْن يَعْلَى، فهو القاضي، وإن أردت الفتيا، فعليك بالحسن، فهو معلمي، ومعلم أبي، وإن أردت الصلح فعليك بحميد الطويل، وتدري ما يقول لك ما يقول لك؟ يقول: دع شيئا من حقك، وخذ شيئا، وإن أردت الخصومة، فعليك بصالح السدوسي، وتدري ما يقول لك؟ يقول لك: اجحد ما عليك، وادع ما ليس لك، واستشهد الغيب.

    وَقَال ثعلب عَن أبي عَمْرو الشيباني، عَن أبي الحسن المدائني: كَانَ إياس بْن مُعَاوِيَة بن قرة قاضيا قائفا مزكيا ، استقضاه عُمَر بْن عبد العزيز.

    أرسل رجلا من أهل الشام  ، وأمره أن يجمع بين إياس، وبين القاسم بْن ربيعة الجوشني من بني عَبْد اللَّهِ بْن غطفان، ويولي القضاء أنفذهما، فقدم فجمع بينهما. فَقَالَ إياس للشامي: سل عني وعن القاسم فقيهي المصر الحسن وابن سيرين. ولم يكن إياس يأتيهما، فعلم القاسم أنه إن سألهما، أشارا به، فَقَالَ للشامي: لا تسأل عنه، فوالله الذي لا إله إلا هو، إن إياسا لأفضل مني، وأفقه وأعلم بالقضاء، فإن كنت ممن يصدق، ينبغي لك أن تصدق قولي، وإن كنت كاذبا، فما يحل أن توليني وأنا كذاب، فَقَالَ إياس للشامي: إنك جئت برجل، فأقمته على جهنم، فافتدى نفسه من النار، أن تقذفه فيها يمين حلفها، كذب فيها، يستغفر اللَّه منها، وينجو مما يخاف، فَقَالَ الشامي: أما إذ فطنت لهذا، فإني أوليك، فاستقضاه، فلم يزل على القضاء سنة، ثم هرب. وكَانَ يفصل بين الناس، إذا تبيين لَهُ الأمر حكم به.

    وَقَال جرير بن عبد الحميد عن مغيرة: ولى عدي بْن أرطاة إياس بْن مُعَاوِيَة قضاء البصرة، فأبى. وَقَال: بكر بْن عَبد اللَّهِ خير مني. فَقَالَ لَهُ: إنه قال إنك خير منه. قال: لو لم تعتبر فضله علي إلا من تفضيله إياي عليه، كَانَ ينبغي. فلم يقعد بكر، وقعد إياس.

    وَقَال سهل بْن يوسف عن خَالِد الحذاء: قال لي إياس بْن مُعَاوِيَة: إن هَذَا الرجل قد بعث إلي، فانطلقت معه، فدخل على عدي، ثم خرج، ومعه حرسي، فَقَالَ: أبى أن يعفيني، فأبى المسجد فصلى ركعتين، ثم قال للحرسي: قدم، فما قام حَتَّى قضى سبعين قضية. ثم خرج إياس من البصرة، فِي قصة كانت، فولى عدي الحسن بْن أَبي الحسن.

    وَقَال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حميد الطويل: لما ولي إياس بْن مُعَاوِيَة القضاء، دخل عليه الحسن، وإياس يبكي. فَقَالَ لَهُ: ما يبكيك. فذكر إياس الْحَدِيث: القضاة ثلاثة، اثنان فِي النار، وواحد فِي الجنة"  فَقَالَ الحسن: إن فيما قص اللَّه عليك من نبأ دَاوُد وسُلَيْمان، ما يرد قول هؤلاء الناس، ثم قرأ {وداود وسُلَيْمان إذ يحكمان في الحرث} ، الآيةَ، إِلَى قوله: {ففهمناها سُلَيْمان، وكلا آتينا حكما وعلما}  فحمد سُلَيْمان ولم يذم دَاوُد.

    وَقَال مُحَمَّد بْن سلام الجمحي عن عُمَر بْن علي بْن مقدم: لما ولي إياس القضاء. أرسل إِلَى خَالِد الحذاء، فتلكأ عليه. فَقَالَ والله إن مما شجعني على القضاء لمكانك، فلم يزل به حَتَّى كَانَ وزيرا ومشيرا.

    وَقَال أَبُو دَاوُدَ الطيالسي، عن سلم بْن زرير : سمعت عديا يخطب على منبر البصرة. وهُوَ يقول: ما أنا وهذه الشهادات، ما أنا وهذه الخصومات، فتحت لكم بابي، وأجلست لكم إياسا، ولا أراكم تزدادون إلا كثرة، لقد كنت أرى القاضي من قضاة المسلمين، ما عنده أحد.

    وَقَال الصلت بْن مسعود: حَدَّثَنَا حماد بْن زيد، عن خَالِد الحذاء، أن إياسا قضى بشهادة رجل واحد، ويمين الطالب.

    وَقَال هشيم، عن خَالِد الحذاء، عن إياس بْن مُعَاوِيَة: إنه قضى لذمي بشفعة.

    وَقَال أَبُو نعيم، عن عَبد اللَّهِ بْن حبيب بْن أَبي ثابت: سئل عامر عن شهائة الغلمان، فَقَالَ: هُوَ ذا إياس بْن مُعَاوِيَة، لا يجيز شهادة الغلمان.

    وَقَال موسى بْن الفضل عن، مطر بْن حمران: شهدت إياسا، وجئ بغلام قد سرق أكسية الحمالين، فقامت عليه البينة، فَقَالَ: اكشفوا عنه، فكشفوا فلم يكن احتلم. فَقَالَ: لو كَانَ احتلم لقطعته. اذهبوا به حيث سرق، فسودوا وجهه وعلقوا فِي عنقه العظام، واضربوه حَتَّى يدمى ظهره، وطوفوا به، فجاء رجل يسعى فَقَالَ: أصلحك اللَّه إنه مملوك لي، فإن فعلت ذَلِكَ به كسرت ثمنه، فَقَالَ إياس: يعمد أحدكم إِلَى الغلام لم يحتلم فيكلفه الضريبة، ولا يحسن عملا يعمله، فإنما يأمره أن يسرق ويطعمه، ويعمد أحدكم إِلَى الجارية، فيقول لَهَا اذهبي فأدي الضريبة، وإنما يقول لَهَا اذهبي فازني وأطعميني.

    وَقَال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حميد الطويل: إن إياس بْن مُعَاوِيَة، اختصم إليه رجلان، استودع أحدهما صاحبه وديعة، فَقَالَ صاحب الوديعة: استحلفه بالله ما لي عنده وديعة، فَقَالَ إياس: بل استحلفه بالله ما لك عنده وديعة ولا غيرها.

    وَقَال حماد بْن زيد، عن أَيُّوب: إن إياس بْن مُعَاوِيَة كَانَ يقضي فِي دكاكين السوق: من سبق إِلَى مكان فهو أحق به، حَتَّى يقوم عنه"وكان يقول: هو مثل المسجد الجامع.

    وَقَال حماد بْن سلمة: شهدت إياس بْن مُعَاوِيَة يقول فِي رجل ارتهن رهنا، فَقَالَ المرتهن: رهنته بعشرة، وَقَال الراهن: رهنته بخمسة، قال: إن كَانَ للراهن بينة، أنه دفع إليه الرهن. فالقول ما قال الراهن، وإن لم يكن لَهُ بينة، يدفع الرهن إليه، والرهن بيد المرتهن، والقول ما قال المرتهن، لأنه لو شاء جحده الرهن. وَقَال: من أقر بشيءٍ، وليس عليه بينة، فالقول ما قال.

    وَقَال أيضا: سألت إياسا عن رجل ترك ابنة وجدة، ومولى لَهُ، فَقَالَ: إذا كَانَ صاحب فريضة فليس لَهُ من الولاء شئ. إنما الولاء لابنه. وفي رواية قال: كل إنسان لَهُ فريضة مسماة. فليس لَهُ من الولاء شيء، إنما الولاء لمن لَهُ ما بقي.

    وَقَال أيضا عن إياس، فِي رجل أعتق رجلا، وأعتق آخر ابنه، قال: ولاء الأب لمن أعتقه، وولاء الابن لمن أعتقه.

    وَقَال: سمعت إياسا يقول: الولاء لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث.

    وَقَال: سئل إياس عن دية العبد، فَقَالَ: ثمنه ما بلغ. قال:

    وَقَال فِي رجل قطع يد عبد، قال: هُوَ لَهُ، وعليه لمولاه مثله. قال: وَقَال فِي عبد شج حرا موضحة  : إن شاء موالي العبد دفعوا العبد برمته، وإن شاؤوا أعطوا الدية.

    وَقَال سمعت إياسا يقول: كل شيء يقتل به، فإنه يقاد به، نحو الحجر العظيم، والخشبة العظيمة التي تقتل.

    وَقَال عن إياس فِي عبد قاتل حرا، فشج العبد الحر، فشهد رجلان أن العبد شج الحر، وشهد شاهدان، أن الشاهدين قاتلا العبد مع الحر، قال: إن كانا ذوي عدل، جازت شهادتهما، يعني الأولين -.

    وَقَال عن إياس: إذا قيل للمضارب: لا تذهب إِلَى واسط، فذهب، فهو ضامن، والربح بينهما على ما اشترط، وإذا قيل لَهُ: اشتر برا. فاشترى شعيرا، فهو ضامن، والربح بينهما على ما اشترط. قال:

    وَقَال فِي رجل استعار قدرا على أن يطبخ فيها تمرا، فطبخ فيها سكرا، فاحترقت القدر. قال: هُوَ ضامن إذا خالف، هُوَ ضامن إذا خالف، مرتين.

    إِلَى هنا عن حماد بْن سلمة، عن إياس.

    وَقَال عبد الوارث بْن سَعِيد: حدثني سكين أَبُو قبيصة، كاتب إياس بْن مُعَاوِيَة، قال: كَانَ إياس يقول فِي الرجل يطلق المرأة وقد أحدثت فِي بيتها أشياء: ما كَانَ من متاع المرأة، فهو لَهَا، إلا أن يقيم الرجل البينة أنه لَهُ.

    وَقَال مُحَمَّد بْن حاتم بْن ميمون، عن إِبْرَاهِيم بْن مرزوق البَصْرِيّ: جاء رجلان إِلَى إياس بْن مُعَاوِيَة، يختصمان فِي قطيفتين، إحداهما حمراء، والأخرى خضراء، فَقَالَ أحدهما: دخلت الحوض لأغتسل، ووضعت قطيفتي، وجاء هَذَا فوضع قطيفته تحت قطيفتي، ثم دخل فاغتسل، فخرج قبلي، فأخذ قطيفتي فمضى بها. ثم خرجت فتبعته، فزعم أنها قطيفته. فَقَالَ ألك بينة؟ قال: لا. قال: ائتوني بمشط، فأتى بمشط، فسرح رأس هَذَا، ورأس هَذَا، فخرج من رأس أحدهما صوف أحمر، ومن رأس الأخر صوف أخضر، فقضى بالحمراء للذي خرج من رأسه الصوف الأحمر، وبالخضراء للذي خرج من رأسه الصوف الأخضر.

    وَقَال معتمر بْن سُلَيْمان، عن زيد أبي العلاء: شهدت إياس بْن مُعَاوِيَة، اختصم إليه رجلان، فَقَالَ أحدهما: إنه باعني جارية رعناء فَقَالَ إياس: وما هَذَا؟ وما عسى أن تكون الرعونة؟ قال: إنه يشبه الجنون، قال إياس: يَا جارية أتذكرين متى ولدت؟ قالت: نعم. قال: فأي رجليك أطول؟ قالت هذه، فَقَالَ إياس ردها فإنها مجنونة  .

    وَقَال أَبُو الحسن المدائني  : تنازع إِلَى إياس رجلان، ادعى أحدهما أنه أودع صاحبه مالا، وجحده الأخر، فَقَالَ إياس للمدعي: أين أودعته هَذَا المال؟ قال: فِي موضع كذا وكذا، قال: وما كَانَ فِي ذَلِكَ الموضع؟ قال: شجرة. قال: فانطلق فالتمس مالك عند الشجرة، فلعلك إذا رأيتها تذكر أين وضعت مالك، فانطلق الرجل، وَقَال إياس للمطلوب: اجلس إِلَى أن يجئ صاحبك، فجلس فلبث إياس مليا يحكم بين الناس، ثم قال للجالس عنده: أترى صاحبك بلغ الموضع الَّذِي أودعك فيه؟ قال: لا. قال: يَا عدو اللَّه إنك لخائن. فأقر عنده فحبسه، حَتَّى جاء صاحبه، ثم أمره بدفع الوديعة إليه.

    قال وأودع رجل رجلا كيسا فيه دنانير، فغاب خمس عشرة سنة، ثم رجع، وقد فتق المودع الكيس من أسفله، فأخذ ما فيه وجعل مكانه دراهم. والخاتم على حاله، فنازعه، فَقَالَ إياس: مذ كم أودعته؟ قال: من خمس عشرة سنة، فسأل المودع. فَقَالَ: صدق، فأخرج الدراهم، فوجد ما ضرب منذ عشر سنين، وخمس سنين، فَقَالَ للمودع: أقررت أنه أودعك مذ خمس عشرة سنة، وهذا ضرب أحدث مما ذكرت. فأقر لَهُ بوديعته، وردها عليه.

    وَقَال أَبُو الحسن المدائني، عن عَبد اللَّهِ بْن مصعب السليطي: أن مُعَاوِيَة بْن قرة، شهد عند ابنه إياس بْن مُعَاوِيَة، مع رجال عد لهم، على رجل بأربعة آلاف درهم. فَقَالَ المشهود عليه: يَا أبا واثلة، تثبت فِي أمري، فوالله ما أشهدتم إلا بألفين، فسأل إياس أباه والشهود، أكان فِي الصحيفة التي شهدوا عليها فضل؟ قَالُوا: نعم. كَانَ الكتاب فِي أولها، والطينة فِي وسطها. وباقي الصحيفة أبيض. فَقَالَ: أو كَانَ المشهود لَهُ يلقاكم أحيانا فيذكركم شهادتكم بأربعة آلاف؟ قَالُوا نعم، كَانَ لا يزال يلقانا فيقول: اذكروا شهادبكم على فلان بأربعة آلاف درهم. فصرفهم، ودعا المشهود لَهُ، فَقَالَ: يَا عدو اللَّه، تغفلت قوما صالحين، مغفلين فأشهدتهم على صحيفة، جعلت طينتها فِي وسطها، وتركت فيها بياضا فِي أسفلها، فلما ختموا الطينة، قطعت الكتاب الَّذِي فيه حقك ألفا درهم. وكتبت فِي البياض، وصارت الطينة فِي آخر الكتاب، ثم كنت تلقاهم فتلقنهم وتذكرهم أنها أربعة آلاف! فأقر بذلك، وسأله الستر عليه، فحكم لَهُ بألفين، وستر عليه.

    وَقَال أَبُو الحسن المدائني، عن روح أبي الحسن القيسي،قال  : استودع رجل رجلا من أفناء الناس مالا، وكَانَ أمينا لإياس، وخرج المستودع إِلَى مكة، فلما رجع طلبه، فجحده، فأتى إياسا، وأخبره، فَقَالَ لَهُ إياس: أعلم أنك أتيتني؟ قال: لا. قال: فنازعته عند أحد؟ قال: لا. لم يعلم أحد بهذا. قال: فانصرف واكتم أمرك، ثم عد إلي بعد يومين، فمضى الرجل، فدعا إياس أمينه ذَلِكَ، فقال: قد حضر مال كثير أريد أن أصيره إليك، أفحصين منزلك؟ قال نعم. قال: فأعد موضعا للمال وقوما يحملونه. وعاد الرجل إِلَى إياس فَقَالَ لَهُ: انطلق إِلَى صاحبك، فاطلب مالك، فإن أعطاك، وإن حجدك، فقل لَهُ: إني أخبر القاضي. فأتى الرجل صاحبه فَقَالَ: مالي وإلا أتيب القاضي، فشكوت إليه، وأخبرته بأمري.

    فدفع إليه ماله، فرجع الرجل إِلَى إياس، فَقَالَ: قد أعطاني المال. وجاء الأمين إِلَى إياس لموعده، فزبره وانتهره، وَقَال: لا تقربني يَا خائن.

    وَقَال نعيم بْن حماد. عن إِبْرَاهِيم بْن مرزوق البَصْرِيّ: كنا عند إياس بْن مُعَاوِيَة، قبل أن يستقضى، قال: وكنا نكتب عنه الفراسة كما نكتب من صاحب الْحَدِيث، الْحَدِيث، قال: إذ جاء رجل فجلس على دكان مرتفع بالمربد  ، فجعل يترصد الطريق. فبينما هُوَ كذلك، إذ نزل فاستقبل رجلا، فنظر فِي وجهه، ثم رجع إِلَى موضعه، قال: فَقَالَ إياس: قولوا فِي هَذَا الرجل. قَالُوا: ما نقول؟ رجل طالب حاجة. قال: فَقَالَ: معلم صبيان قد أبق  لَهُ غلام أعور، فإن أردتم أن تستفهموه ذَلِكَ، فقوموا إليه، فاسألوه. قال:فقام إليه بعضنا، فَقَالَ لَهُ: أنا نراك منذ اليوم. ألك حاجة، تستعين بنا على حاجتك؟ قال: فَقَالَ: لي غلام نساج، كَانَ يغل علينا، وقد زاغ منذ أيام. قال: فقالوا صف لنا غلامك، وصف لنا موضعك. فَقَالَ: أما أنا فأعلم الصبيان بالكلاء  ، وأما غلامي، فغلام من صفته كذا وكذا، إحدى عينيه ذاهبة. قال: فرجعنا إليه فقلنا لَهُ: كما قلت. ولكن كيف علمت أنه معلم صبيان؟ قال: رأيته جاء فجعل يطلب موضعا يجلس فيه، فعلمت أنه يطلب عادته، فِي الجلوس، فنظر إِلَى أرفع شيء يقدر عليه، فجلس عليه، فنظرت فِي قدره، فإذا ليس قدره قدر الملوك، فنظرت فيمن اعتاد فِي جلوسه جلوس الملوك، فلم أجدهم إلا المعلمين، فعلمت أنه معلم صبيان. فقلنا: كيف علمت أنه أبق لَهُ غلام أعور؟ قال: إني رأيته يترصد الطريق، فبينما هُوَ كذلك، إذ نزل فاستقبل رجلا قد ذهبت إحدى عينيه، فعلمت أنه شبهه بغلامه.

    وَقَال سُلَيْمان بْن أَبي شيخ، عن الحارث بْن مرة: نظر إياس بْن مُعَاوِيَة إِلَى رجل، فَقَالَ: هَذَا غريب، وهُوَ من أهل واسط، وهُوَ معلم، وهُوَ يطلب عبدا لَهُ أبق، فوجدوا الأمر على ما قال. فقيل لَهُ، فَقَالَ: رأيته يمشي ويلتفت، فعلمت أنه غريب، ورأيته على ثوبه حمرة تربة واسط، فعلمت أنه من أهلها، ورأيته يمر بالصبيان فيسلم عليهم، ولا يسلم على الرجال. فعلمت أنه معلم، ورأيته إذا مر بذي هيأة لم يلتفت إليه، وإذا مر بذي أسمال، تأمله، فعلمت أنه يطلب آبقا.

    وَقَال هلال بْن العلاء الرَّقِّيّ، عن القاسم بْن منصور، عن عُمَر ابن بكير: مر إياس بْن مُعَاوِيَة، فسمع قراءة من علية  فَقَالَ: هذه امرأة حامل بغلام. فقيل لَهُ، فَقَالَ: سمعت صوتها ونفسها يخالطه، فعلمت أنها حامل، وسمعت صوتا صحلا، فعلمت أنه غلام. ومر بعد حين بكتاب فيه صبيان، فنظر إِلَى صبي منهم، فقال: هذا ابن بلك المرأة. وكَانَ يوما جالسا فِي المسجد، فدخل من بابه ثلاث نسوة فَقَالَ: الأولى ثكلى، والثانية: حبلى، والثالثة: حائض، فسئل عنهن فكان كما قال. فَقَالَ: رأيت الأولى تنظر إِلَى الأحداث، وترد طرفا كليلا، فعلمت أنها ثكلى، ورأيت الثانية تمشي وتعتمد على وركها الأيسر، فعلمت أنها حبلى، ورأيت الثالثة تريد الدخول إِلَى المسجد وتهيبت، فعلمت أنها حائض.

    وَقَال عُمَر بْنُ شَبَّةَ النُّمَيْرِيُّ، عن خلاد بْن يزيد الأرقط: كان لاياس صريق قد وطئ أمة لَهُ تخرج فِي حوائجه، فولدت غلاما، فشك فيه الرجل، فلم يدعيه، ولم ينكره، وكَانَ على باب الرجل كتاب، وكَانَ الغلام يختلف إِلَى ذَلِكَ الكتاب، فجاء إياس يريد صديقه ذَلِكَ، فتصفح وجوه الغلمان، ثم أقبل على ذَلِكَ الغلام. فَقَالَ: يَا ابْن فلان، قم إِلَى أبيك فأعلمه أني بالباب. فَقَالَ معلم الكتاب لإياس: ومن أين علمت يَا أبا واثلة أنه ابنه؟ فَقَالَ: شبهه فيه أبين من ذاك. فقام المعلم إلى الرجل، فأخبره إياس والغلام، فخرج الرجل بنفسه فرحا بما أخبره المعلم، فَقَالَ: يَا أبا واثلة، أحق ما قال المعلم لي؟ فقال: نعم شبهه فيك وشبهك فيه أبين من ذاك. فادعى الرجل الغلام ونسبه إلى نفسه.

    وَقَال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حميد الطويل: إن أنسا  شك فِي ولد لَهُ، فدعا إياس بْن مُعَاوِيَة، فنظر لَهُ.

    وَقَال عُمَر بْن شبة، عَن أبي الحسن المدائني: نظر إياس إِلَى ثلاث نسوة فزعن من شيء، فَقَالَ: هذه حامل، وهذه مرضع، وهذه بكر. فقام إليهن رجل فسألهن فوجدهن كما قال. فقيل لَهُ: من أين علمت؟ قال: لما فزعن وضعت كل واحدة يدها على أهم المواضع لَهَا، وضعت المرضع يدها على ثديها والحامل على بطنها، والبكر على أسفل من ذَلِكَ.

    وَقَال عُمَر بْن شبة أيضا: سمعت غير واحد من علمائنا، منهم خلاد بْن يزيد، يذكرون أن إياسا أتى المدينة، فصلى فِي مسجد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صلاة، ثم لبث فِي مقعد، فنظر إليه أهل حلقة فزكنوه، حَتَّى صاروا فرقتين، فرقة تزعم أنه معلم، وفرقة تزعم أنه قاض، فوجهوا إليه رجلا، فجلس إليه، فحادثه شيئا، ثم أخبره خبر القوم، وما صاروا إليه من الظن به، فَقَالَ: قد أصاب الذين ذكروا أني قاض، ورويدا، أخبرك عن القوم.

    أما الَّذِي صفته كذا، فهو كذا، وأما الَّذِي يليه، فهو كذا، وأما الَّذِي يليه فهو كذا، فلم يخطئ فِي أحد منهم، إلا فِي شيخ، فإنه قال: وأما ذاك الشيخ، فإنه نجار. قال: فَقَالَ الرجل: فِي كلهم والله أصبت، إلا فِي هَذَا الشيخ، فإنه شيخ من قريش. فَقَالَ إياس: وان كَانَ من قريش، فإنه نجار.

    فقام الرجل إِلَى أصحابه، فَقَالَ: جئتكم والله من عند أعجب الناس، لا والله إن منكم من أحد إلا أخبرني عن صناعته، وأصاب، إلا فيك يَا أبا فلان، فإنه زعم أنك نجار، فأخبرته: أنك من قريش. فقال:وان كَانَ من قريش، فإنه نجار. قال: صدق والله إني أنا أعمل عيدان جواري. قال عُمَر بْن شبة: فحدثت بهذا الْحَدِيث الماجشون عَبد المَلِك بْن عَبْد العزيز بْن عَبد الله بْن أَبي سلمة، فَقَالَ: أخلق بهذا أن يكون كان بكمة لأنهم أهل قيافة وإزكان، فأما المدينة، فلا أعلمه، ولكن خالي يوسف بْن الماجشون، حدثني: أن إياسا قدم المدينة، فعمل عَبْد الرحمن بْن القاسم بْن مُحَمَّد طعاما، ونزههم بالعقيق، ودعا إياسا، وكَانَ للماجشون لونان يعملان فِي منزله، فيجاد صنعتهما، فعملا ووجه بهما إِلَى العقيق، فقدما فِي أضعاف طعام عَبْد الرَّحْمَنِ، والماجشون لا يعلم، ولا عَبْد الرَّحْمَنِ ابن القاسم، فَقَالَ إياس: ينبغي لهذين اللونين، أن لا يكونا عملا ها هنا، وينبغي أن يكونا عملا فِي منزل الماجشون، فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ: لا علم لي. وَقَال الماجشون: وأنا لا علم لي. قال يوسف: فسألني أبي، فقلت: صدق، فِي منزلنا عملا. فقيل لإياس: ومن أين علمت ذاك؟ قال: جئ بهما على غير مقادير سائر الطعام، فِي حره وبرده، ورأيت الماجشون نظر إِلَى وجه ابنه حين وضع اللونان.

    وَقَال عُمَر بْن شبة أيضا: حدثني الأَصْمَعِيّ، قال: رأى إياس رجلا فَقَالَ  : تعال يَا يمامي. فَقَالَ: لست بيمامي، قال: فتعال يَا أضاخي. قال: لست بأضاخي. قال: فتعال يَا ضروي، فجاء فسأله عن نفسه، فَقَالَ: ولدت باليمامة، ونشأت بأضاخة  ثم تحولت إِلَى ضرية .

    وَقَال أيضا: حدثني غير واحد، من أهل واسط، منهم إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن هود بإسناد فيه سفيان بْن حسين إن شاء اللَّه: أن إياس بْن مُعَاوِيَة كَانَ جالسا، فنظر إِلَى رجل دخل المسجد، مسجد واسط فَقَالَ: هَذَا الرجل من أهل البصرة، من ثقيف، قد أرسل حماماً له، فذهب ولم يرجع إليه.

    فقام رجل فسأل ذَلِكَ الرجل، فأخبر عن نفسه بما قال إياس. فسألوا إياسا عن ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أما معرفة البَصْرِيّين، فلا أَحْمَد عليه، وأما قولي: ثقفي، فإن لثقيف هيأة لا تخفى، وأما قولي: فقد حماما لَهُ، فإني رأيته يتصفح الحمام، لا يرى ناهضا، ولا طائراً، ولا ساقطا، إلا ونظر إليه، فقلت: إنه قد فقد حماما لنفسه.

    قال: وحدثوني أن إياسا كَانَ يلي سوق واسط، فكلمه أبان بْن الوليد، فِي درهم يحطه عن رجل من كراء حانوته، قال: أنظر إليه، فإن كَانَ يمكنني أن أحط عنه، حططت، فنظر إِلَى الحانوت فرآه فِي باب البصرة، فَقَالَ: هَذَا فِي ديباجة الحرم، ليس إِلَى الحط منه سبيل، ثم كلم إياس فِي كلام أبان بن الوليد، في حط مئة ألف من خراج رجل، فَقَالَ: رددت رجلا فِي درهم، وأكلمه في مئة ألف! ثم اعتزم فكلمه، فَقَالَ لَهُ أبان: إني والله ما أعجب منك، ولكني أعجب ممن يحدمك  ، رددتني عن درهم، وتكلمني فِي مئة ألف؟ قال لَهُ إياس: فلا تعجب من ذَلِكَ، فإني كنت رادا عن الدرهم، من هُوَ فوقك، وكنت مشفعاً في المئة الألف من هُوَ دوني، ثم جرى الكلام بينهما، حَتَّى قال لَهُ أبان بْن الوليد: يَا مفلس. فَقَالَ: أنت أفلس مني. قال: وهذه أعجب أيضا، أنا أفلس منك؟ ! وأنا أشتغل كذا وكذا، قال: نفقتك أكثر من غلتك، وغلتي أكثر من نفقتي.

    قال: وحدثني مُحَمَّد بْن سلام - إن شاء اللَّه، عَن مسلمة بْن محارب، قال: تقدم إِلَى إياس رجل من عنزة أعيمش، تخاصمه امرأة كالقلعة، ومعها نفر فيهم فتى شاب لَهُ منظر ورواء، فأقبلت المرأة تكلم بلسان سليط، فَقَالَ لَهَا إياس: أجملي فِي منازعة بعلك. فقالت: لو كَانَ لذلك أهلا فعلت، ولكنه هلباجة  نؤوم، لكل معروف عدوم، فَقَالَ بعلها: أما إذ أبت، فوالله لا أكتم خبرها، ثم أنشده:

    نبت عينها عني وراق فؤادها • • فتى من بني جلان رجو المكاشر

    فتى لو أجاريه إِلَى المجد فته • • وفصر عن إدراك حر المآثر

    رأته جميلا ذا رواء فأذعنت • • إليه ورامتني بإحدى القناطر 

    ودون الَّذِي رامت من الموت عارض • • على رأسها جم كثير الزماجر فرفع إياس رأسه، فنظر فِي وجوه القوم، فَقَالَ لفتى: ما اسمك؟ قال: روق بْن عَمْرو، فَقَالَ: أجلاني أنت، قال نعم. قال: أدنه، فدنا منه، فأخذ بأذنه وَقَال: والله لئن بلغني أنك دخلت بينهما لأطيلن حبسك. فَقَالَ البعل: أما إذ أظهرت ما كنت أخفي، فهي طالق ثلاثا، فَقَالَ لَهُ إياس: إنك لكريم، ثم قال للمرأة: انهضي فغير فقيدة ولا حميدة، قبحك اللَّه، وما تاقت إليه نفسك.

    قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قال: حَدَّثَنَا جرير، عن صالح ابن مسلم، عن إياس بْن مُعَاوِيَة قال: لو جلست على باب واسط، لم يمر بي أحد إلا أخبرتكم بعمله، وصناعته.

    وَقَال أيضا: حَدَّثَنَا موسى بْن إِسْمَاعِيل قال: حَدَّثَنَا القاسم بْن الفضل عن إياس بْن مُعَاوِيَة، قال: إذا عمل الرجل عملا، يريد به اللَّه، فإن ذَلِكَ يقبل منه وإن عرض الشيطان فيه، وإن أراد به اللَّه والناس، فإن ذَلِكَ يرد عليه.

    وَقَال: حَدَّثَنَا موسى بْن إِسْمَاعِيل، قال: حَدَّثَنَا حماد بْن سلمة قال: قال إياس: لا تنظر إِلَى ما يصنع العالم، فإن العالم قد يصنع الشئ يكرهه، ولكن سله حَتَّى يخبرك بالحق.

    قال: وَقَال إياس: إذا فزع الناس فلا تكن أول من يقوم.

    وَقَال: حَدَّثَنَا عَبْد الْوَاحِدِ بْن غياث قال: سمعت عُبَيد اللَّه بْن الحسن يقول: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: التاجر الفقيه، أفقه من الفقيه الَّذِي ليس بتاجر، قال: فلم أفهم ذَلِكَ حَتَّى تبين لي بعد.

    وَقَال: حَدَّثَنَا هارون بْن معروف، قال: حَدَّثَنَا ضمرة بْن ربيعة، عن ابن شوذب قال: شهدت إياس بْن مُعَاوِيَة يقول: ما بعد عهد قوم بنبيهم، إلا كَانَ أحسن لقولهم وأسوأ لفعلهم.

    وَقَال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُعَاوِيَة قال: حَدَّثَنَا عَبد اللَّهِ بْن بكر السهمي، قال: حَدَّثَنَا بعض أصحابنا: أن إياس بْن مُعَاوِيَة، كَانَ فِي حلقة، فتذاكروا: الولد أبر أم الوالد؟ فاجتمع رأيهم على أن الوالد أبر، وإياس مشتغل فِي شيء، فلما فرغ، أقبل عليهم فأخبروه، قال: فإني أخالفكم، أزعم أنهما إذا كانا برين جميعا، فالولد أبر. قَالُوا: وكيف؟ قال: لأن بر الوالد طباع يطبعه اللَّه عليه، لا يستطيع إلا ذاك، وبر الولد بوالده تشدد منه لما افترض اللَّه عليه من حقه.

    وَقَال: حَدَّثَنَا يريد بْن هارون قال: أخبرنا العوام بْن حوشب قال: التقيت أنا وإياس بْن معاوية، بذات عرق  ، فذكرنا إِبْرَاهِيم، يعني التَّيْمِيّ - فَقَالَ: لولا كرامته علي لأثنيت عليه. قلت: أتعرفه؟ قال: نعم. قلت: فلم تكره أن تثني عليه؟ قال: إنه كَانَ يقال: إن الثناء من الجزاء.

    وَقَال: حَدَّثَنَا موسى بْن إِسْمَاعِيل قال: حَدَّثَنَا أَبُو هلال، عن أَيُّوب قال: قال إياس: إنه لتأتيني القضية لَهَا وجهان، فأيهما أخذت عرفت أني قد أصبت الحق.

    وَقَال: حَدَّثَنَا هارون بْن معروف قال: حَدَّثَنَا ضمرة، عن، حفص بْن عُمَر الكندي قال: قال إياس: أكره للرجل أن يكون رفيعا، لأن أولئك أقرب الناى من الذنوب.

    وَقَال: حَدَّثَنَا الوليد بْن شجاع، قال: حَدَّثَنَا ضمرة بْن ربيعة  ، عن رجاء بْن أَبي سلمة قال: قال خَالِد بْن صفوان لإياس: لولا خصال فيك، كنت أنت الرجل. قال: وما هي؟ قال: تقضي قبل أن تفهم، ولا تبالي مع من جلست، ولا تبالي ما لبست. قال: أما قولك: إني أقضي قبل أن أفهم، فأيهما أكثر ثلاث أو ثنتان؟ قال: لا، بل ثلاث ومن لا يفهم هذا لا؟. قال: أنا كذلك. لا أقضي حَتَّى أفهم، وأما قولك: لا أبالي مع من جلست، فإني أجلس مع من يرى لي أحب إلي من أن أجلس مع من أرى لَهُ، وأما قولك: لا أبالي ما لبست، فإني ألبس ثوبا أقي به نفسي، أحب إلي من أن ألبس ثوبا أقيه بنفسي.

    إِلَى هنا عن عُمَر بْن شبة.

    وَقَال أَبُو هلال، عن دَاوُد بْن أَبي هند: قال لي إياس بْن مُعَاوِيَة: أنا أكلم الناس بنصف عقلي، فإذا اختصم إلي الاثنان جمعت عقلي كله.

    وَقَال سفيان بْن عُيَيْنَة  . عَن ابن شبرمة، قَالُوا لإياس بْن مُعَاوِيَة: إنك معجب برأيك، قال: لو لم أعجب به، لم أقض به.

    وَقَال أَحْمَد بْن مروان الدينوري، عن إِبْرَاهِيم بْن علي، عن مُحَمَّد بْن سلام: قيل لإياس: ما فيك عيب غير أنك معجب بقولك. فقال لهم: أفاعجبكم قولي؟ قَالُوا: نعم. قال: فأنا أحق أن أعجب بما أقول، وما يكون مني. قال: وهذا مما استحسنه الناس من قوله.

    وَقَال الأَصْمَعِيّ، عن حماد بْن زيد: كَانَ أَيُّوب يقول: لقد رموها بححجرها، يعني إياس بْن مُعَاوِيَة حين ولي القضاء -.

    وَقَال إِسْمَاعِيل ابْن علية، عن أَيُّوب: كنت أسمع عن إياس، بقضاء يشبه قضاء شريح. قال: فأخبرني إياس بعد ذَلِكَ قال: كنت أبعث خالدا الحذاء إِلَى مُحَمَّد، يعني ابن سيرين - يسأله.

    وَقَال المفضل بْن غسان الغلابي، عن مُحَمَّد بْن مسعر: قال رجل لإياس بْن مُعَاوِيَة: علمني القضاء! فَقَالَ: إن القضاء لا يتعلم، إنما القضاء فهم، إن القضاء فهم، ولكن لو قلت: علمني من العلم.

    وَقَال ضمرة  بْن ربيعة، عن ابن شوذب: سمعت إياس بْن  مُعَاوِيَة يقول: إن الناس لا يعرفون عيوب أنفسهم، وأنا أعرف عيب نفسي، أنا رجل مكثار،، يعني كثرة الكلام، قال ابن شوذب:

    وكان كذلك، كان لا يجلس مجلسا إلا غلب عليه.

    وَقَال ضمرة  : وسمعت من يقول: كَانَ أَبُو إياس يقول: إن الناس ولدوا أبناء، وولدت أبا.

    وَقَال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن الأعمش: دعوني إِلَى إياس بْن مُعَاوِيَة، فكان كلما حدث بحديث، وصله بآخر.

    وَقَال أَبُو بَكْر بْن أَبي الدنيا: حدثني أَبُو مُحَمَّد التميمي، عن شيخ من قريش قال: قيل لإياس بْن مُعَاوِيَة: إنك تكثر الكلام. قال: أفبصواب أتكلم أم خطأ؟ قَالُوا: بصواب. قال: فالإكثار من الصواب أفضل.

    وَقَال مُحَمَّد بْن سلام الجمحي: زعم عبد القاهر بْن السري قال: قال إياس بْن مُعَاوِيَة: ما من رجل عاقل، إلا وهُوَ يعرف عيب نفسه. قال: فقيل لَهُ: فما عيبك يَا أبا واثلة؟ قال الإكثار. قال: وَقَال: أما والله مع ذَلِكَ، وإن أكثرت، ما تدبر قول عاقل إلا وجد فيه بعض ما ينتفع به.

    وَقَال حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حميد: لما ماتت أم إياس بْن مُعَاوِيَة، بكى، فقيل: ما يبكيك يَا أبا واثلة؟ قال: كَانَ لي بأَبَان مفتوحان من الجنة، فأغلق أحدهما.

    وَقَال دَاوُد بْن المحبر  ، عن أعين الخياط: سمعت بكر بْن  عَبد اللَّهِ المزني يعزي إياس على أمه فَقَالَ: يَا أبا واثلة أما أحد بابيك، فقد أغلق عنك، فانظر كيف تكون فِي الباب المفتوح، قال: فبكى الناس  .

    وَقَال أَبُو بكر بْن أَبي خيثمة، عن سُلَيْمان بْن أَبي شيخ: وقع بين إياس بْن مُعَاوِيَة، وبين عدي بْن أرطأة، تباعد، فخرج إياس إِلَى عُمَر بْن عبد العزيز، يشكو عديا، فولى عدي الحسن البَصْرِيّ، وكتب إِلَى عُمَر يقع فِي إياس، ويمدح الحسن.

    وَقَال عُمَر بْن شبة، عَن أبي الحسن المدائني: قضى إياس سنة، ثم هرب، وكَانَ سبب هربه، أنه خاف عدي بْن أرطأة، قال: وقد اختلف أَبُو عُبَيدة، وأبو الحسن فِي سبب ذاك، حَدَّثَنَا غير واحد، منهم أَبُو عُبَيدة وخلاد الأرقط، وغيرهما: أن وكيع بْن أَبي سود  ، شهد عند إياس بشهادة فيعل به، خافه على نفسه إن رد شهادته، ورأى فِي الحق أن لا يجيزها، فَقَالَ: يَا أبا مطرف، مالك وللشهادة؟ ، إنما يشهد الموالي، إلي ها هنا، فارتفع. قال: صدقت والله، فارتفع، ثم أقبل على الَّذِي أحضره فسبه، فلما قام أقبل عليه الَّذِي أحضره، فَقَالَ: إنه والله ما به إلا ردك، وتزوير شهادتك، ولقد شهد أشراف الناس في قدم الدهر وحديثه. فَقَالَ: صدقت والله، والله لأضربنه ضربة بسيفي أخذت منه ما أخذت، وكَانَ وكيع حاقدا عليه.

    قال عُمَر بْن شبة: فحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيدة، عن إبراهيم بن شقيق، عن مسلم أبي زياد، مولى عَمْرو بْن الأشرف قال: تزوج رجل من بني فراص كانت أخته تحت عدي بْن أرطأة، امرأة من حدان، كانت عقيلة قومها، فكان يشرت فيطلقها، ثم يجحد. فأتت إياس ابن مُعَاوِيَة، فذكرت ذَلِكَ لَهُ، وجاءت بشاهد، فسأل عنه إياس، فعدل، ولم تأت بغيره، فأحلف إياس الفراصي، فحلف، فقالت المرأة: إن لي مملوكا يشهد، فهل تجوز شهادته؟ قال: لا. قالت: فإن أعتقته؟ قال: إن كان عدلاً فأعتقيه.

    فسأل عنه إياس، فعدل، فانتزعها إياس من الفراصي، فوضعها على يد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن البكير السلمي، فانتزعها عدي، فردها على الباهلي، وكَانَ عدي ناكحا أخته أم عباد بنت عمار بْن عطية، فجاء إياس يوما يريد الدخول على عدي وعنده وكيع بن أَبي سود، وقد ائتمرا به، وشجع وكيع عديا على الإقدام عليه، فلقيه دَاوُد بْن أَبي هند خارجا من عند عدي فَقَالَ: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين  . فخرج إِلَى عُمَر بْن عبد العزيز.

    قال: وأما المدائني، فذكر المهلب بْن القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الهلالي، كَانَ من أجمل الناس، فشرب يوما، وامرأته عنده، فناولها قدحا، وأمرها بشربه، فأبت عليه، فَقَالَ: إن لم تشربيه فأنت طالق ثلاثا. فقالت: ضعه من يدك، فوضعه، وفي الدار ظبي يجول فِي الدار، فمر بالقدح فكسره، ولك يحضر ذَلِكَ إلا نسوة، فجحد المهلب طلاقها، فأرسلت إِلَى أهلها،فاحت

    تلامیذ الراوی

    رَوَى عَنه: إِبْرَاهِيم بْن مرزوق البَصْرِيّ، وأيوب السختياني، وأبو بصرة جميل بْن عُبَيد الطائي، والحارث بْن مرة، وحبيب بْن الشهيد، وحماد بْن زيد، وحماد بْن سلمة، وحميد الطويل، وخالد الحذاء، وداود بن هند، وربيعة بْن أَبي عَبْد الرَّحْمَنِ، ورجاء بْن أَبي سلمة، وروح أَبُو الحسن القيسي، وسفيان بْن حسين (مق) ، وسُلَيْمان الأعمش، وشعبة بْن الحجاج، وعبد الله بْن شبرمة، وعبد اللَّه بْن شوذب، وعبد اللَّه بْن عون، وعبد اللَّه بْن مصعب السليطي، وعبد الحميد بْن سوار، وعبد القهار بْن السري، وعدي بْن الفصيل  البَصْرِيّ، وعون بْن موسى أَبُو روح البَصْرِيّ، وقريب بْن عَبد المَلِك والد الأَصْمَعِيّ. ومحمد بْن عَبد اللَّهِ الشعيثي، ومحمد بْن عجلان، وابن أخيه المستنير بْن أخضر بْن مُعَاوِيَة بْن قرة المزني، ومعاوية بْن عبد الكريم الثقفي المعروف بالضال  (خت) ، ومغيرة بْن مقسم الضبي.

    أساتذة الراوی

    رَوَى عَن: أَنَس بْن مالك، وسَعِيد بن حبير، وسَعِيد بْن المُسَيَّب، وعبد الملك بْن يَعْلَى الليثي قاضي البصرة، وعُمَر بن عبد العزيز وأبيه مُعَاوِيَة بْن قرة المزني، ونافع مولى ابْن عُمَر. وأبي مجلز لاحق بْن حميد.

Copyright2024 www.ahlus-sunnah.com Developed by Muhammad Shafique Attari